شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
محاضرة في شروط قبول العمل الصالح
5666 مشاهدة print word pdf
line-top
الشرط الثاني في قبول العمل: المتابعة

وأما المتابعة وهي الشرط الثاني: فالمراد بها أن يكون الإنسان في أعماله كلها مقتديا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- مقتديا بالدليل، الدليل الصحيح، لا يعمل إلا بدليل؛ فيخرج بذلك من يعمل على بدعة، من يعمل البدع.
ولا شك أن اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما جاء به هو الواجب على كل مسلم؛ ولأجل ذلك وردت الأدلة في الأمر بالاتباع، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ اتبعوني أي: اعملوا بالسنة، واقتدوا بالرسول، وسيروا على نهجه، واقتدوا بسيرته سواء في الأعمال المكتوبة المفروضة، أو في الأعمال المسنونة، أو في المعاملات، أو في المباحات أو ما أشبهها؛ مأمورون نحن بأن نكون عاملين بالسنة؛ فتخرج بذلك البدع، يخرج بذلك العمل المبتدع الذي ليس له أصل في كتاب الله ولا في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- .
لقد كثرت الأدلة التي تأمر بالطاعة للرسول -صلى الله عليه وسلم- وبالسير على طريقته ومنهجه، وبالاقتداء به مثل قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الأسوة: هو القدوة أي: اجعلوه قدوتكم، اجعلوه أسوتكم، لا تقتدوا بغيره، سيروا على سنته واتبعوا طريقته وتأسوا به؛ وبذلك تكونون مثابين على أعمالكم، فإذا رأيت الذي يخالف السنة فاعلم بأنه قد ترك شرطا من شروط قبول العمل ألا وهو المتابعة.
لقد أمر الله تعالى بتقبل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تقبلا جازما؛ فقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وكذلك حذر من مخالفته، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
يقول الإمام أحمد أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الشك، أو من الزيغ فيهلك.
وطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قرنت بطاعة الله تعالى؛ فدل على أنه يلزمنا أن نطيعه، وأن طاعته علامة على طاعة ربه؛ وذلك لأنه الواسطة بيننا وبين الله تعالى، وهو المبلغ لما أرسل إليه، قد كلفه الله بذلك فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فنحن نشهد بأنه بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وعلمهم ما هم بحاجة إليه، وشهد له بذلك صحابته؛ فقالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت.
وإذا كان كذلك فإن على كل مسلم أن يجعله قدوته وأسوته، وأن يسير على نهجه، وأن يتمسك بسنته وبشريعته التي هي الدين الإسلامي, شريعته التي هي السنة النبوية، والتي أوصى بالمحافظة عليها، وبالتمسك بها في قوله -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة .
هكذا أرشدهم أن يتمسكوا بسنته؛ وذلك لأنه عرف بأنه سيحدث مخالفون، وسيحدث مبتدعة، يضيفون إلى الشريعة ما ليس منها، يبتدعون بدعا ما أنزل الله بها من سلطان سواء كانت بدعا اعتقادية أو بدعا عملية، فالذين يبتدعونها يعتبرون قد أخلوا بشرط من شروط قبول العمل ألا وهو المتابعة.
المتابعة الحقيقية: هي كون الإنسان سائرا على الطريقة السنية، وكون عمله خالصا لوجه الله، صوابا على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول في دعائه: اللهم اجعل عملي صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا. فالصالح -العمل الصالح- هو الذي يكون موافقا للشريعة، موافقا للسنة، وأهل الصالحات: هم الذين عملوا بما جاءت به الشريعة، هؤلاء هم أهل الأعمال الصالحة، وهم من أهل النجاة، النجاة من الخسران.
تقرءون قول الله تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ عملوا الصالحات يعني أعمالهم كلها صالحة, متى يكون العمل صالحا؟ إذا كان خالصا لله تعالى، وصوابا على السنة النبوية.
فلو مثلا ابتدع إنسان بدعا، وقصد بذلك أن يثاب عليها وهي شبه الأعمال الصالحة لقلنا: أنت مبتدع ولا يثيبك ربك؛ حيث إنك أضفت إلى الشريعة ما ليس منها، فإذا قال: ماذا أضفت؟ وماذا في هذا العمل؟ ما فيه بأس إذا أحيينا ليلة سميناها ليلة المولد, إذا صلينا صلاة وسميناها صلاة الرغائب. نقول: أنت كمن زاد في الصلاة.
يأتي آخر فيقول: أنا أصلي الظهر ستا، وأصلي المغرب أربعا، وأصلي الفجر ثلاثا، وأصلي الجمعة أربعا فيكون قد زاد في شرع الله.
وكذلك لو قال: أنا أنقل رمضان إلى الشتاء، نجعل رمضان هو فصل الشتاء؛ حتى يكون أخف، فمثل هذا لا شك أن هؤلاء عملهم غير صالح، فلا تقبل منهم الأعمال.
نتوقف عند هذا، وبعد الأذان دور الأسئلة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد .

line-bottom